Page 94 - alamn
P. 94
دراسات أمنية
وصمـــة الإصــــابة بفيـــروس «كورونـــــا»
وآليات التعا ُمل معها اجتماعًّيا
د .رحاب عبد الوهاب السيد عسكر
دكتوراه في العلوم الاجتماعية ،مصر
ملخص الورقة:
واســـتنا ًدا إلى هذا التعريف ،حـــ َّول «جوفمان» أعلنـت منظمـة الصحـة العالميـة ،فـي الحـادي عشـر مـن مـارس لعـام 2020م ،أن تفشـي
الوصمة إلى «مفهـــوم تنظيمي رائع» كطريقة
المعـروف بفيـروس «كورونـا» -الـذي تـم تحديـده COVID - 19»» -المـرض الفيروسـي
لرؤيـــة وتصنيـــف وفهم مجموعة واســـعة من
لأول مـرة فـي ديسـمبر 2019م فـي مدينـة ووهـان بالصيـن ،قـد وصـل إلـى مسـتوى الوبـاء
المواقف والممارســـات الاجتماعيـــة التمييزية
العالمـي .ودعـت منظمـة الصحـة العالميـة الحكومـات إلـى اتخـاذ إجـراءات عاجلـة وقاسـية
( ،)Hacking, 2004مـــن خـــال أربعة ادعاءات لوقـف انتشـار الفيـروس ،مستشـهد ًة بمخـاوف بشـأن إمكانيـة الوصـول إلـى مسـتويات
هي : مقلقـة مـن الانتشـار والخطـر .وشـهدت الأزمـة ،منـذ بدايتهـا ،اهتما ًمـا مكث ًفـا مـن الأنظمـة
أو الوســائط المعلوماتيــة ،التــي » (infomedia)،الإعلاميــة المعروفــة بـ«الإنفوميديــا
أو ًل :الوصمـــة منظـــور ينشـــأ في الســـياقات
الاجتماعيـــة. أسـهمت بسـرعة كبيـرة فـي تـداول المعلومـات حـول الفيـروس -منهـا مـا هـو غيـر صحيـح
-وبالتالـي ُأثيـرت حالـة مـن القلـق والخـوف بيـن البشـر أظهـرت كثيـ ًرا مـن ردود الفعـل
ثان ًيـــا :الموصومـــون يتعَّلمـــون إدارة الآثـــار
الســـلبية المحتملـــة للوصـــم الاجتماعـــي .المتعلقـة بالخـوف
ومـع تف ِّشـي المـرض ،بـدأت تظهـر ملامـح الوصـم والتمييـز المتبـا َدل داخـل المجتمعـات
باســـتخدام إســـتراتيجيات إدارة الهويـــة مثـــل الآســيوية /الصينيــة؛ فالأشــخاص فــي تايــوان يخافــون مــن التفا ُعــل مــع أولئــك الذيــن
يعيشـون فـي هونـغ كونـغ ،والنـاس فـي هونـغ كونـغ يتجنبـون التفاعـل مـع الصينييـن،
التمريـــر والإخفـــاء.
ثال ًثـــا :الوصـــم مرتبـــط تاريخًّيا بالأشـــكال التي والنـاس فـي الجنـوب الشـرقي لآسـيا يخشـون مـن الاتصـال بالصينييـن ،وأصبـح النـاس
يتخذ ها . فـي هونـغ كونـغ وتايـوان يخافـون مـن التفاعـل مـع الكورييـن واليابانييـن ،وبـدأت تـزداد
وأخيـــ ًراُ :تســـتخدم الوصمة وســـيل ًة للســـيطرة
.حـدة الوصمـة والتمييـز فـي كثيـر مـن دول العالـم واتخـذت أبعـا ًدا جديـدة
الاجتماعيـــة الرســـمية (.)Goffman, 1986 وبنـا ًء علـى مـا سـبق ،يتحـدد الهـدف الرئيـس لهـذا المقـال فـي التعـُّرف إلـى رد الفعـل
المجتمعــي تجــاه وبــاء «كورونــا» والنتائــج المترتبــة علــى وصمــة الإصابــة بهــذا المــرض،
و ُيشـــار إلـــى الوصمـــة الصحيـــة بأنهـــا حاجـــز
عالمـــي موثـــق جيـــ ًدا أمـــام ســـلوكيات البحث .ومعرفــة كيــف يمكــن حمايــة المصابيــن والمجتمــع مــن تأثيــرات الوصمــة الاجتماعيــة
عن الصحـــة ،))Scott et al., 2015والانخراط
قيـــو ٍد مماثلة فـــي إدارة التفاعلات الاجتماعية، المحور الأول :تعريف الوصمة
فـــي الرعايـــة ( ،)Corrigan, 2004والالتـــزام ودور الوصمـــة فـــي إنتـــاج أو إعادة إنتـــاج عدم ُتبنـــى فكـــرة الوصمـــة اجتماعًّيـــا لـــدى «إرفنج
المســـاواة الاجتماعية .وحـــدد «جوفمان» ،في جوفمـــان» ( )Goffman,1963علـــى القبـــول
بالعـــاج ( ،)Mahajan et al., 2008عبـــر كتابـــه ،ثلاثـــة أنـــواع رئيســـة للوصمـــة ،هـــي: الاجتماعـــي القائم على الهويـــة والارتباط؛ فقد
«الوصمـــات القبليـــة» (مثـــل العـــرق والديـــن عَّرفهـــا في كتابـــه الرائد «الوصمـــة ..ملاحظات
مجموعـــة مـــن الحـــالات الصحيـــة (Dilorio et والعقيـــدة) و«التشـــوهات الجســـدية» (مثـــل حـــول إدارة الهويـــة المدللـــة» ،بأنهـــا «عمليـــة
،)al., 2003 and Link et al., 2016تؤِّثـــر الجـــذام والصدفيـــة وفيـــروس نقـــص المناعة اجتماعيـــة عامة تعِّبر عن وضـــع الفرد الذي ُحرم
البشـــرية) و«عيوب الشـــخصية» (مثل الشـــذوذ مـــن القبـــول الاجتماعـــي الكامل»؛ مـــع التركيز
علـــى نتائـــج صحـــة الســـكان من خـــال تفاقم علـــى مـــا يواجهـــه الأفـــراد الموصومـــون مـــن
أو تقويـــض أو عرقلـــة عـــد ٍد مـــن العمليـــات، الجنســـي والإدمـــان والمـــرض العقلي).
بمـــا في ذلـــك العلاقـــات الاجتماعيـــة ،وتوافر
المـــوارد ،والإجهـــاد ،والاســـتجابات النفســـية
والســـلوكية ..مـــا يـــؤ ِّدي إلـــى تفا ُقـــم ســـوء
الصحـــة ( .)Hatzenbuehler, 2013وترِّكـــز
ُأ ُطـــر الوصمـــة الحالية عـــاد ًة علـــى حالة صحية
94